شبكات الألياف الضوئية القومية ودورها في حماية البُنَى التحتية الحرجة - بقلم علاء محجوب
في حلقة نقاش سابقة، أشرتُ إلى أهمية التعاون بين القطاعات المختلفة في حماية البُنَى التحتية الوطنية الحرجة، موضحا ذلك بمثال عن تطوير شبكات الألياف الضوئية القومية ودورها في هذا المجال. وهذه المقالة تلقي مزيدا من الضوء على هذا الموضوع.
1- مقدمة
تُعد شبكات الألياف الضوئية من الركائز الأساسية لحماية البُنى التحتية الوطنية الحرجة من التهديدات السيبرانية. ونظراً لأن الهجمات السيبرانية قد تُلحق أضراراً جسيمة بالبنية التحتية الفيزيائية، فإن شبكات الألياف الضوئية، بما تتميز به من أمان ومرونة وموثوقية وكفاءة، توفر أساساً قوياً لحلول حماية الأصول السيبرانية والفيزيائية للبُنى التحتية الوطنية الحرجة.
2-أمثلة على قطاعات البنية التحتية الوطنية الحرجة وأهم الأصول في كل قطاع
تختلف قطاعات البنية التحتية الوطنية الحرجة والأصول الهامة في كل قطاع من قطر إلى آخر، والجدول الآتي يوضح بعض الأمثلة الأكثر شيوعاً لهذه القطاعات، والأصول الحرجة بكل قطاع:
3-مثال على كيفية الاستفادة من شبكات الألياف الضوئية في تمكين حماية البُنَى التحتية الوطنية الحرجة
يمكن للدول، على سبيل المثال، أن تتبنى مبادرات لإنشاء شبكات ألياف ضوئية خاصة على المستوى القومي لتحقيق اتصال آمن وموثوق داخل وبين أنظمة المراقبة والتحكم والمعلومات المستخدمة لتشغيل أصول البُنَى التحتية الوطنية الحرجة، مثل أنظمة المراقبة والتحكم الإشرافي (SCADA) وأنظمة التحكم الموزعة (DCS) وأنظمة إنترنت الأشياء (IoT) والمنصات التكنولوجية المتكاملة للأعمال الرقمية (Digital Business Technology Platforms).
الشكل الآتي يُظهر مثالاً توضيحياً على كيفية ربط المنصات التكنولوجية المتكاملة للأعمال الرقمية من خلال شبكة ألياف ضوئية قومية:
4-أهمية التعاون بين القطاعات المختلفة في تأمين البنية التحتية الوطنية الحرجة
إن التعاون بين القطاعات المختلفة للبنية التحتية الوطنية الحرجة هو أمر ضروري لنجاح مبادرات شبكات الألياف الضوئية القومية. فعلى سبيل المثال، لإنشاء شبكة ألياف ضوئية خاصة على المستوى القومي، يمكن لمشغلي أنظمة النقل في قطاع الكهرباء المساهمة بالألياف الضوئية المظلمة (dark fibers)، بينما يقوم مشغلوا الاتصالات بتوفير معدات إرسال الألياف الضوئية (fiber optics transport multiplexing equipment)، بينما تقوم القطاعات الأخرى بالمشاركة بتقديم خبراتها، كما هو موضح بالشكل الاتي:
وبدعم من إطار تنظيمي قوي، مع الاستفادة من أفضل الممارسات، فإن مثل هذه المبادرات تكون لديها القدرة على تقليل الاعتماد على الشبكات العامة التي يحتمل أن تكون معرضة للمخاطر الأمنية (تشويش، إعاقة، تصنٌت، الخ). وهذا بدوره يسمح للدول بتعزيز الأمن السيبراني وحماية بنيتها التحتية الوطنية الفيزيائية الحرجة بشكل أفضل.
5- أمثلة على الشبكات القومية للألياف الضوئية
احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة مرة أخرى المركز الأول عالمياً في نسبة انتشار شبكة الألياف الضوئية للمنازل (FTTH)، وذلك للعام الثامن على التوالي، حيث بلغت نسبة انتشار الشبكة 99.3%، وفقاً للتقرير السنوي الأخير لمجلس شبكات الألياف الضوئية للمنازل (سبتمبر 2023).
وحلل التقرير بيانات من 20 دولة تجاوزت نسبة انتشار شبكة الألياف الضوئية المنزلية فيها 50%، وقارن بين الإحصائيات العالمية حول انتشار شبكة الألياف الضوئية، فوضع الإمارات العربية المتحدة في مرتبة أعلى من سنغافورة (97.1%)، وهونج كونج (95.3%)، والصين (92.9%)، وكوريا الجنوبية (91.5%).
ويعزز هذا التصنيف مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال الاتصال عبر الألياف الضوئية عالية السرعة، ويؤكد على رؤية قيادة الدولة لإعطاء الأولوية للبنية التحتية الرقمية من الجيل التالي.
لعبت شركة e& UAE دورًا أساسيا في تحقيق طموحات الاتصالات في الدولة. ومن خلال التزامها بالابتكار الرقمي والترابط، تواصل e& UAE الاستثمار في البنية التحتية ذات المستوى العالمي بما في ذلك تطويرها لشبكات الألياف الضوئية بالدولة.
تعد شبكة الالياف الضوئية القومية للصين مشروعًا استراتيجيًا تقوده هواوي، الشركة العالمية الرائدة في مجال تقنية الالياف الضوئية، والذي يهدف إلى بناء شبكة بنية تحتية قومية فائقة السرعة وموثوقة. تستفيد هذه الشبكة من تقنيات هواوي الرائدة في مجال البصريات ومن خبرتها الواسعة في بناء شبكات الناقلات.
ففي عام 1988، أطلقت وزارة الاتصالات مشروعًا لبناء بنية تحتية وطنية لاتصالات شبكات الالياف الضوئية يتضمن 8 محاور رأسية و8 محاور أفقية، وبلغ طول الشبكة 80,000 كم. بحلول عام 1998، تم اكتمال شبكة ضخمة تغطي بكين والمدن الكبرى وعواصم المقاطعات و70% من المدن تحت المقاطعات.
في الفترة من 2000 إلى 2004، قامت شركة تشاينا تليكوم بترقية سعة البنية التحتية لاتصالات الشبكات إلى 32×10 جيجابت/ثانية أو 32×2.5 جيجابت/ثانية باستخدام تقنية DWDM، كما نفذت وزارة البث والأفلام والتلفزيون مشروعاً وطنياً لبناء بنية تحتية لشبكات الالياف الضوئية تربط مراكز التلفزيون الكابلي في 26 مقاطعة بكابلات بصرية بطول 48,000 كم.
وفي عام 2008. شهدت الصين إنشاء بنية تحتية للشبكات الضوئية الدولية تشمل كابلات بحرية تربطها باليابان وأوروبا والولايات المتحدة، بما في ذلك كابل بحري عالي السرعة عبر المحيط الهادئ الذي اكتمل قبل الألعاب الأولمبية في بكين.
وحديثا، تطورت شبكة الألياف الضوئية في الصين بشكل كبير لتصبح أكثر ذكاءً وقدرة على التعامل مع التحديات الحديثة. يتم التركيز الآن على استخدام الأنظمة الذكية (ASON) التي تتيح الإدارة الديناميكية للعرض الترددي وتوزيع الموارد الضوئية بكفاءة. هذه الأنظمة توفر حماية واستعادة سريعة للشبكة وتضمن بقاء الخدمة عالية الجودة. وتعمل الصين على ترقية شبكاتها لتشمل أنظمة WDM بقدرة 40 جيجابت في الثانية لتلبية الطلب المتزايد على السرعات العالية. هذه التحديثات تهدف إلى زيادة السعة الشبكية وتحسين الأداء لمواكبة الزيادة الكبيرة في حركة البيانات الناجمة عن خدمات الإنترنت السريع والتطبيقات الحديثة.
هي شبكة واسعة من الألياف الضوئية تمتد عبر المدن والمناطق الريفية، وتدعم القطاعات الحرجة مثل الكهرباء والمياه والنقل والرعاية الصحية وترتبط بجميع مدن المملكة من خلال شبكة الألياف الوطنية السعودية التي يبلغ طولها 17,000 كيلومتر.
بالإضافة إلى ذلك، تحتوي الشبكة على 10 حلقات من ألياف الضوئية تغطي جميع المدن الرئيسية. تعتمد حلقات الألياف الضوئية هذه على أحدث تقنيات SDH وDWDM لنقل البيانات، وتقديم خدمات الاتصالات المحلية والدولية والمساعدة في جميع أنحاء المملكة.
مشروع بهاراتنت هو مبادرة حكومية هندية تهدف إلى تمكين مزودي الخدمات مثل مشغلي الهاتف المحمول ومقدمي خدمات الإنترنت (ISPs) ومشغلي تلفزيون الكابل ومقدمي المحتوى من إطلاق خدمات مختلفة مثل تطبيقات الصحة الإلكترونية والتعليم الإلكتروني والحكومة الإلكترونية في المناطق الريفية والنائية في الهند. وحتى 27.05.2024 فقد تم وضع 686,963 كم من كابلات الالياف الضوئية بالبلاد.
علاء محجوب هو مستشار أعمال رقمية مستقل وخبير في التكنولوجيا التشغيلية ويتمتع بعقود من الخبرة في المرافق الكهربائية والبترول والنقل والدفاع. وتمتد خبرته عبر المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص في منطقة أوروبا والشرق الأوسط والشرق الأقصى والولايات المتحدة. خلال حياته المهنية، ساهم علاء بنشاط في أنظمة الأتمتة والتحكم الصناعية (IACS)، وتحويل الأعمال الرقمية، وهندسة المؤسسات (EA)، والبيانات والتحليلات (D&A)، بالإضافة إلى القيادة والتحكم والاتصالات والكمبيوتر والاستخبارات (C4I). وقد قاد مبادرات هامة في هذه المجالات في شركة ترانسكو، وأدكو، ودائرة النقل، وإنجازات لأنظمة البيانات، ووزارتي الدفاع المصرية والكويتية. علاء حاصل على البكالوريوس. والماجستير في هندسة الكمبيوتر من الكلية الفنية العسكرية وجامعة القاهرة على التوالي. قام بتأليف وإلقاء المحاضرات ومراجعة العديد من الأوراق البحثية لـ IEEE وCigre والاتحاد العربي للكهرباء وSPE. تتمحور اهتماماته البحثية الحالية حول الأنظمة الفيزيائية السيبرانية والذكاء الاصطناعي التوليدي.
شكرًا لك على قراءة منشوراتي هنا في LinkedIn، وفي جامعة إدارة البيانات Data Management University، وفي قناتي على YouTube. أكتب بانتظام عن الأعمال الرقمية وإدارة البيانات واتجاهات التكنولوجيا. لقراءة منشوراتي المستقبلية، ما عليك سوى الانضمام إلى شبكة LinkedIn الخاصة بي.
Alaa Mahjoub is an independent Digital Business Advisor and Operational Technology SME with decades of experience in electric utilities, petroleum, transportation, and defense. His expertise extends across governmental and private sector organizations in the EMEA, Far East, and the United States. Over his career, Alaa has actively contributed to Industrial Automation and Control Systems (IACS), Digital Business Transformation, Enterprise Architecture (EA), Data and Analytics (D&A), as well as Command, Control, Communications, Computers, and Intelligence (C4I). He has spearheaded critical initiatives in these areas at TRANSCO, ADCO, DoT, Injazat Data Systems, and the Egyptian and the Kuwaiti Ministries of Defense. Alaa holds B.Sc. and M.Sc. degrees in Computer Engineering from the Military Technical College (MTC) and Cairo University, respectively. He has authored, lectured, and reviewed numerous research papers for the IEEE, Cigre, the Arab Union of Electricity, and the SPE. His current research interests are cantered on Cyber-Physical Systems and Generative AI.
Thank you for reading my posts Here at LinkedIn, at Data Management University, and at My YouTube Channel. I regularly write about digital business, data management and technology trends. To read my future posts simply join my LinkedIn network.